قال حكيم فقلت: يا رسولَ الله، والذي بعثكَ بالحقِّ لا أرْزَأُ أحدًا بعدَكَ شيئًا حتَّى أفارقَ الدنيا، فكان أبو بكر رضي الله عنه يَدْعُو حكيمًا إلى العطاء، فيأبى أن يَقْبَلَه منه، ثمَّ إنَّ عُمَرَ رضي الله عنه دَعَاه ليُعطيَهُ، فأبى أن يَقْبَلَ منه شيئًا، فقال عمر: إني أُشْهدُكُم يا مَعْشَرَ المسلمين على حكيم، أنِّي أَعْرِضُ عليه حَقَّهُ من هذا الفَيْء فيأبى أن يأْخُذَه، فلم يَرْزَأْ حكيمٌ أحدًا من الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تُوفي؛ رواه الشيخان.
حكيم بن حِزام: كان حكيمُ بن حِزام رضي الله عنه من أشراف قريش ووجوهها، عاش في الجاهلية ستين عامًا، وفي الإسلام مثلها ، وكان صديقَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قبل المَبْعث وبعده، وكان يُحبُّه ويودُّه، ويتمنَّى لو سَبَق إلى الإسلام، ولكن لأمرٍ ما قَضَى الله أن يتأخَّر إسلامُه إلى عام الفتح، ولعلَّ نزعة من نزعات سُؤْددِه في الجاهلية أبطأت به، وما كان أشدَّ فرح النبيِّ صلى الله عليه وسلم بإسلامه، حتى قال: من دخل دار حكيم فهو آمِنٌ ، وتألَّفه بالعطاء حتى حَسُن إسلامه واكتمَل، وآتى أُكلَه جنيًّا شهيًّا.
وأخرج النسائي عن عائذ بن عمرو «أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله فأعطاه، فلما وضع رجله على أسكفة الباب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو تعلمون ما في المسألة ما مشى أحد إلى أحد يسأله».