وذهب فريقٌ آخر إلى أنَّها ليست بشرْطٍ، وهو مذهب أبي حنيفة، والثوريِّ؛ وسبب اختلافِهم تردُّدُ الوضوء بين أن يكون عبادةً محضة: أعني غيرَ معقولة المعنى، وإنما يُقصَد بها القُربةُ له فقط كالصَّلاةِ وغيرِها، وبين أن يكونَ عبادةً معقولةَ المعنى كغَسْل النَّجاسةِ، فإنَّهم لا يختلفون أنَّ العبادة المحضة مفتقرةٌ إلى النيَّة، والعبادة المفهومة المعنى غير مفتقرةٍ إلى النيَّة، والوضوءُ فيه شبَهٌ من العبادتين، ولذلك وقَع الخلافُ فيه؛ وذلك أنَّه يجمَعُ عبادةً ونظافة، والفِقه أن يُنظَر بأيِّهما هو أقوى شبهًا، فيُلحَق به.
المبحث الخامس في الجهر بالنية ومع أن محل النية عند الفقهاء هو القلب، فقد اختلف الفقهاء في الجهر بالنية باللسان: فقيل: لا يشرع، وحكي إجماعًا، واستثنى بعضهم الحج.
والثالث : يلزمهم الجمع بين النيتين.