الثَّانِي: أَنَّ سِيَاقَ الْآيَةِ يُشِيرُ إِشَارَةً خَفِيَّةً إِلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْغُسْلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ نَوْعَ طِهَارَةٍ عِنْدَ السَّعْيِ بَعْدَ الْأَذَانِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَابُدَّ مِنْ طُهْرٍ لَهَا، فَيَكُونُ إِحَالَةً عَلَى الْآيَةِ الثَّانِيَةِ الْعَامَّةِ فِي كُلِّ الصَّلَوَاتِ: إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ الْآيَةَ، فَيُكْتَفَى بِالْوُضُوءِ وَتَحْصُلُ الْفَضْلِيَّةُ بِالْغُسْلِ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
وَقَدْ كَانَ الْأَذَانُ الْأَوَّلُ زَمَنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمَنَارَةِ، وَهَكَذَا الْأَذَانُ لِلْوَقْتِ زَمَنَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، ثُمَّ مَنْ بَعْدَهُمْ، أَمَّا هَذَا الْأَذَانُ فَكَانَ ابْتِدَاؤُهُ مِنَ الزَّوْرَاءِ، ثُمَّ نُقِلَ إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ نُقِلَ إِلَى مَا بَيْنَ يَدَيِ الْإِمَامِ، وَذَلِكَ زَمَنَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، ثُمَّ نُقِلَ إِلَى الْمَنَارَةِ.
وتجهزت فجمعوا 4000 شخص، ومعهم 300.
وَبِهَذَا تَتَّفِقُ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا فِي تَرْبِيعِ التَّكْبِيرِ فِي الْأَذَانِ.
أما معجزاته مع الحيوانات، فمن ذلك قصة البعير الذي اشتكا لمحمد كثرة العمل وقلة العلف، الذي بكى حين رأى محمدًا وشكا إليه أن صاحبه يجيعه، آخر يُقبِل على محمد ويخرّ ساجدًا بين يديه بعد أن استصعب على صاحبه.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ وَأَبُو عُبَيْدٍ: وَالتَّخْفِيفُ أَقْيَسُ وَأَحْسَنُ، مِثْلَ غُرْفَةٌ وَغُرَفٌ وَطُرْفَةٌ وَطُرَفٌ وَحُجْرَةٌ وَحُجَرٌ، وَفَتْحُ الْمِيمِ لُغَةُ بَنِي عَقِيلٍ، وَقِيلَ: إِنَّهَا لُغَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَكَاهُ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ.