قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: وَحُكْمُهُ بِالْوَضْعِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ، يَعْنِي: الْحَاكِمَ،وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ أَيْضًا فِي زَادِ الْمَعَادِ: قَالَ الْحَاكِمُ هَذَا الْحَدِيثُ مَوْضُوعٌ وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ لَكِنْ رُمِيَ بِعِلَّةٍ عَجِيبَةٍ، قَالَ الْحَاكِمُ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَإِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ زَيْغِ الشَّمْسِ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا ثُمَّ سَارَ» الْحَدِيثَ.
وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ هَذَا الْجَمْعَ يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى الْجَمْعِ الصُّورِيِّ لِمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ مِنْ أَنَّ الْجَمْعَ وَاجِبٌ إِذَا أَمْكَنَ، وَبِهَذَا الْحَمْلِ تَنْتَظِمُ الْأَحَادِيثُ وَلَا يَكُونُ بَيْنَهَا خِلَافٌ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ الْمَذْكُورَ مُتَعَيَّنٌ، مَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ «صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا، أَخَّرَ الظُّهْرَ وَعَجَّلَ الْعَصْرَ، وَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ وَعَجَّلَ الْعِشَاءَ»، فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ رَاوِي حَدِيثَ الْجَمْعِ قَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ مَا رَوَاهُ مِنَ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ هُوَ الْجَمْعُ الصُّورِيُّ، فَرِوَايَةُ النَّسَائِيِّ هَذِهِ صَرِيحَةٌ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ مُبَيِّنَةٌ لِلْإِجْمَالِ الْوَاقِعِ فِي الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ.
وقت صلاة الظهر: يكون وقت صلاة الظهر إذا زالت الشمس عن وسط السماء إلى جهة الغروب، ويمتد إلى مصير ظل كل شيء مثله مع زيادة يسيرة، أو عندما يكون ظل الرجل كطوله.
وَقَالَ الْخَلِيلُ وَالْفَرَّاءُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ: الشَّفَقُ الْحُمْرَةُ وَمَا رُوِيَ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ أَنَّ الشَّفَقَ فِي السَّفَرِ هُوَ الْحُمْرَةُ وَفِي الْحَضَرِ هُوَ الْبَيَاضُ الَّذِي بَعْدَ الْحُمْرَةِ لَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَحْقِيقِ الْمَنَاطِ لِغَيْبُوبَةِ الْحُمْرَةِ الَّتِي هِيَ الشَّفَقُ عِنْدَ أَحْمَدَ وَإِيضَاحُهُ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ: «الشَّفَقُ هُوَ الْحُمْرَةُ» وَالْمُسَافِرُ لِأَنَّهُ فِي الْفَلَاةِ وَالْمَكَانِ الْمُتَّسِعِ يَعْلَمُ سُقُوطَ الْحُمْرَةِ، أَمَّا الَّذِي فِي الْحَضَرِ فَالْأُفُقُ يَسْتَتِرُ عَنْهُ بِالْجُدْرَانِ فَيَسْتَظْهِرُ حَتَّى يَغِيبَ الْبَيَاضُ لِيَسْتَدِلَّ بِغَيْبُوبَتِهِ عَلَى مَغِيبِ الْحُمْرَةِ، فَاعْتِبَارُهُ لِغَيْبَةِ الْبَيَاضِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى مَغِيبِ الْحُمْرَةِ لَا لِنَفْسِهِ.
Your browser does not support the video tag.
وَأَمَّا أَوَّلُ وَقْتِ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَهُوَ عِنْدُ طُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ الْفَجْرُ الَّذِي يُحَرِّمُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ عَلَى الصَّائِمِ.