وتجهَّزت قريش، فخرجت وقائدها أبو سفيان، ومعهم الأحابيش ومَن تبِعهم من العرب، فكانوا أربعة آلاف، معهم ثلاثمائة فرس وألف وخمسمائة بعير، وخرجت غطفان وقائدها عُيينة بنُ حِصْن في بني فَزَارة ومعهم ألف بعير، وأَشْجَعُ يقودهم مسعود بن رُخَيلة في أربعمائة، وبنو مُرَّة يقودهم الحارث بن عوف في أربعمائة، وبنو أسد يقودهم طُلَيحة الأَسَدي، وبنو سُلَيم في سبعمائة يقودهم سفيان بن عبدشمس في سبعمائة، فكان مجموعُ جند الأحزاب عشرةَ آلاف، والقيادة العليا لأبي سفيان بن حَرْب.
موقع غزوة الخندق في المدينة المنورة وسرت الشائعات بين المسلمين بأن قد نقضت عهدها معهم، وكان الرسولُ محمدٌ يخشى أن تنقض بنو قريظة العهد الذي بينهم وبينه، ولذلك انتدب ليأتيه من أخبارهم، فذهب الزبير، فنظر ثم رجع فقال: «يا رسول الله، رأيتهم يصلحون حصونهم ويدربون طرقهم، وقد جمعوا ماشيتهم»، وبعد أن كثرت القرائن الدالة على نقض بني قريظة للعهد، أرسل الرسولُ محمد وقال لهم: « انطلقوا حتى تنظروا أحقٌّ ما بلغنا عن هؤلاء القوم أم لا؟ فإن كان حقًّا فالحنوا لي لحنًا أعرفه، ولا تفتوا في أعضاد الناس، وإن كانوا على الوفاء فيما بيننا وبينهم فاجهروا به للناس»، فخرجوا حتى أتوهم، فوجدوهم قد نقضوا العهد، فرجعوا فسلموا على الرسول محمد وقالوا: « والقارة»، فعرف الرسولُ محمد مرادهم.
وأحدُنا لا يأمنُ على نفسه أن يذهب إلى الغائط.