.
عندما نتأمل في حديث السيدة عائشة يمكن للباحث أن يستنتج قضايا مهمة تتعلق بسيرة الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ومن أهمها: أولاً: الرؤيا الصالحة: ففي حديث عائشة - رضي الله عنها - أن أول ما بدئ به محمد - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرؤيا الصالحة، وتسمى أحيانًا بالرؤيا الصادقة، والمراد بها هنا رؤى جميلة ينشرح لها الصدر وتزكو بها الروح 11 ولعل الحكمة من ابتداء الله - تعالى -رسوله - صلى الله عليه وسلم - بالوحي بالمنام، أنه لو لم يبتدئه بالرؤيا، وأتاه الملك فجأة ولم يسبق له أن رأى ملكًا من قبل، فقد يصيبه شيء من الفزع، فلا يستطيع أن يتلقى منه شيئا، لذلك اقتضت حكمة الله - تعالى -أن يأتيه الوحي أولا في المنام ليتدرب عليه ويعتاده 12 والرؤيا الصادقة الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة كما ورد في الحديث الشريف 13 وقد قال العلماء: وكانت مدة الرؤيا الصالحة ستة أشهر، ذكره البيهقي، ولم ينزل عليه شيء من القرآن في النوم بل نزل كله يقظة.
كما أن إسلام الأرقم وهو صغير جعل الأمر مستبعد بأن يجرؤ هذا الشاب على جعل بيته مكاناً للتجمع؛ لأن من عادة العرب الاجتماع في بيوت كبراء القوم، وكونه من بني مخزوم أيضاً استُبعد أن تكون نشأة الدعوة بنبي من بني هاشم في ديار بني مخزوم.