{وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ 9 } بعدما ذكر أنه جعل في أعناقهم أغلالًا، ذكر أنه جعل من بين أيديهم سدًا ومن خلفهم سدًا.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى إذا كان الإنذار وعدمه سواء بالنسبة إليهم فليس ذلك سواء بالنسبة إليه.
فإنه على المعنى الأول: أي أن تضرب لهم المثل وتبينه لهم، فإنه يقول له: بين لهم شأن أصحاب القرية وموقفهم من رسلهم فإنهم مثلهم في الاعتقاد والتكذيب، وستكون عاقبتهم مثلهم إن أصروا على كفرهم وعنادهم لعلهم يتعظون ويرعوون.
وثانيها: وهو أن الله تعالى لما ذكر الإنذار والبشارة بقوله: {فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ} ولم يظهر ذلك بكماله في الدنيا فقال: إن لم ير في الدنيا فالله يحيي الموتى ويجزي المنذرين ويجزي المبشرين.
فأكد هذا الحكم بـ إن وبضمير الفصل، فأفاد هذا التعبير حصرًا وتوكيدًا.
قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا 66 وَإِذًا لَآَتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا 67 وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} {النساء: 66 — 68}، فالأجر العظيم هنا لا يعني الجنة، وإنما هو الثواب على العمل، ولذلك قال بعدها: {وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا}.