وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
قال تعالى: {وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} ، فهذه الآية قد دلت على أن قصر الصلاة مشروع حال الخوف، وهي وإن لم تدل على أنه مشروع حال الأمن، ولكن الأحاديث الصحيحة والإجماع قد دلت على ذلك، فمن ذلك ما رواه يعلى بن أمية، قلت لعمر: ما لنا نقصر وقد أمنا؟ فقال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته، رواه مسلم.
وقال: لكن المسافر يُصلِّي ركعتين، ليس عليه أن يُصلِّي أربعًا، بل الركعتان تُجزئ المسافرَ في سفر القصر باتِّفاق العلماء، ومَن قال: إنَّه يجب على كلِّ مسافر أن يُصلِّي أربعًا، فهو بمنزلة مَن قال: إنه يجب على المسافر أن يصومَ شهر رمضان، وكلاهما ضلالٌ مخالفٌ لإجماع المسلمين، يُستتاب قائلُه، فإنْ تاب، وإلَّا قُتِل.
نية القصر ومنها أن ينوي القصر عند كل صلاة تقصر على التفصيل المتقدم في مبحث "النية" باتفاق الشافعية، والحنابلة؛ وخالف المالكية، والحنفية فانظر مذهبيهما تحت الخط 3.
المسألة الثانية: مسألة الجمعة، فإن هناك من يصر على تأدية صلاة الجمعة في بعض المصليات بالمعسكر، أو في المسجد الكائن في الموقع، وهو مسجد شيدته وزارة الحج ولا يصلى فيه إلا أيام الحج فقط، وباقي العام مقفل؛ لذا نأمل من سماحتكم إجابتنا عما يأتي: 1- إذا كانت مدة المعسكر معروفة ومحددة لمدة شهر أو أقل أو أكثر فما هو الحكم حيال قصر الصلاة وإتمامها؟ 2- إذا كانت مدة المعسكر غير معروفة، بل معلقة وقابلة للتمديد، أو للنقص، فما هو الحكم حيال قصر الصلاة وإتمامها؟ 3- أيضاً: ما هو الحكم حيال إقامة الجمعة في أحد مصليات المعسكر أو في المسجد المعمور، وهل صلاة الجمعة واجبة عليهم؟ 4- ما هو حكم المشاركين في المعسكر من سكان مكة المكرمة، حيال قصر الصلاة وإتمامها؟ وكذلك حكم صلاة الجمعة، وهل هي واجبة عليهم؟ وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت: بأن الواجب على الأفراد أن يتموا الرباعية، وأن يصلوا كل صلاة في وقتها، ويؤدوا صلاة الجمعة في المسجد، إلا من كان منهم ليس من أهل مكة ولم تحدد له مدة تزيد عن أربعة أيام - فإن له القصر والجمع، لكونه في حكم المسافر.
هذا، وقد أجمعت الأمة على مشروعية القصر.