وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رجلًا جاءه فقال: يا رسول الله! مِنْهَا حَدِيث أنس رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط قَالَ: أَتَى رجل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: إِنِّي لأشتهي الْجِهَاد وَلَا أقدر عَلَيْهِ، قَالَ: فَهَل بَقِي أحد من والديك؟ قَالَ: أُمِّي.
Who is more entitled to be treated with the best companionship by me? فهذا الحديث إنما هو في حسن الصحبة، فالذي يدبره هو أبوه، وليس أمه التي تدبره، فوليه الأب، فيجب عليه أن يطيعه في مثل هذه الأمور، إلا فيما يلحقه به ضرر أو يحصل له عنت أو نحو هذا، فمثل هذه الأمور يحصل فيها التفاهم والملاطفة والإقناع وما أشبه هذا، لكن الذي يأمره وينهاه فيما يتعلق بأموره الحياتية هو أبوه؛ لأنه هو وليه، الأب هو الذي يطالبه أن يدرس، يذهب به إلى المدرسة، يدرس في هذه المدرسة أو تلك، إلى آخره، أمه تقول: لا، أريده أن يدرس في مدرسة خاصة، ليس هذا للأم، إنما هو للأب، القرار الأول والأخير للأب، لماذا؟ لأنه هو الولي، أما في المعاشرة والمخالطة وحسن الصحبة فالأم ثلاثة أضعاف الأب من التلطف، يعني: إذا كان الإنسان مأمورًا ببر أبيه والتلطف به، والإحسان إليه، فماذا يصنع مع أمه؟، ثلاثة أضعاف، ولهذا كان ابن سيرين -رحمه الله- إذا كلّم أمه مَن لا يعرفه يظن أنه مريض، كأنه ضارع، يتضرع بصوت منخفض جدًّا، وبغاية التذلل والتواضع، هكذا يصنع مع أمه، وما كان يأكل معها؛ يخاف أن تمتد عينها إلى شيء ثم تسبق يده إليه، من شدة بره بها، فيتلطف الإنسان غاية التلطف، يقبّل رأسها، ويدها، ويكلمها بأحسن عبارة، وبألطف أسلوب، ولا يرفع صوته، ولا ينصب يده في وجه أبيه ولا أمه، ولهذا قال بعض السلف: ما بر أبويه من مد إليهما النظر.
أخبرنا ابن بشر عن مسعر.