ثم إن علينا أن نطلب من الفلاسفة أن يتخلصوا من طموح إيجاد وجهة نظر واحدة ثابتة يحكمون من خلالها على علم بكامله مثل علم الفيزياء مثلًا بكل شساعته وتغيراته.
لكن الحاكم الأخير سيظل هو الواقع، إذ إنْ لم يكن يستطاع إنكار أهمية التجريد النظري، فإن الواقع الملموس لا بد أن يكون الموجه الأخير الذي على الفلسفات أن تعدل نفسها على وفقه وعلى وفق العلم «المفتوح» الذي يظل أبدًا في حال تطور وتشذيب.
.
بيد أن الذهن الذي يقدر على تحويل كل مبدأ إلى ديالكتيك، والذي في وسعه أن يستوعب باستمرار ضروبًا جديدة من الأدلة، والذي باستطاعته أن يغني هيكله التفسيري دون أي محاباة لأورچانون طبيعي مفتَرَض يُدّعى أنه مصمم للتخلص من كل شيء بتفسيره؛ لذهن كهذا لا تكون هذه الـ«لا» نهائيةً أبدًا.
أما إن نظرنا إلى الفيلسوف الذي اعتيد أن يكمن شغله في إيجاد الحقائق الأولية الثاوية في باطنه، فإن «الموضوع» —بالنسبة إليه— متى ما أُخِذ بكليته أكّد المبادئ العامة التي يتبناها دونما صعوبة.
ولئن كانت فلسفة النفي ديالكتيكية، فإنها لا تكون بذلك قبلية مثلما هو الأمر مع ديالكتيك هيچل وغيره.