أي: كيف تشتري وتبيع، وتصلي وتصوم، وتنكح وتطلق، وتحج، وأشباه هذا، فأشرف مجالس الذكر على الإطلاق هي مجالس العلم التي فيها يتعلم الإنسان علوم الحلال والحرام، وكيف يراعي حدود الله تبارك وتعالى.
فمعرفة الحلال والحرام واجب في الجملة على كل مسلم، أما ذكر الله سبحانه وتعالى باللسان فأكثره يكون تطوعاً، لكن العلم والفقه يعلمك كيف تجتنب الحرام، وكيف تؤدي الواجبات، وما هي شروطها، وما هي المكروهات، وما هي المستحبات، فحدود الله تبارك وتعالى إنما تعلم عن طريق مجالس العلم، فلذلك مجالس العلم هي أفضل مجالس الذكر على الإطلاق، فهي حلق ذكر.
وما دامت دعوة الأنبياء عليهم السلام بهذا المنهج الواضح، وهم القدوة والأسوة لكل داعية، فلا يسع أحداً الخروج عن هذا المنهج، أو تقديم بعض أولوياته المقررة على بعض، وذلك بإصلاح العقيدة أولاً وهي الأساس.
إنّ الدعوة إلى الله ليس من وظيفة المختّصين بعلومها فقط، واجب على كلّ مسلم أن يكون داعية إلى الله ومن منطلق عمله الذي يمارسه، فالطبيب، والمهندس والتاجر، والسائق والمدرس، وعامل النظافة، كلّ هؤلاء عليهم واجب الدعوة، وكلّ واحد منهم يمتلك القدرة على الدعوة إلى الله ومن موقع عمله، وذلك باستشعاره فكرة الدعوة كقيمة وواجب دينيّ، ثمَّ التزامه العمليّ بالإسلام في مجال عمله، وذلك بإتقانه العمل وإيجاد منافذ للدعوة من خلاله.
وليعلم جميع الدعاة أنه لا صلاح لهم، ولا نجاح لدعوتهم إلا بالاعتصام بالله، والتوكل عليه في كل أمر، وإخلاص النية، والتجرد من الهوى، وجعل الأمر كله لله تعالى.
اقتباس وهذا منهجٌ لمن يَدعو الناسَ إلى الإسلام؛ فإذا دَعَوتَ أحداً إلى الإسلام فَدَخَلَ فيهِ ثم خَشيتَ ألّا يَتَحَمَّلَ الضغطَ الذي يأتيهِ من أهلهِ، والتكذيبَ والفِتنةَ فلا داعيَ أن يُعلِنَ إسلامَه؛ فلو أسلَمَ أحدٌ من الناس على يَدِكَ فلا داعيَ أن تقولَ له: أخبـِرْ قومَكَ، وأخبر أهلَكَ، وأخبر الناس، إذا كنت تَخشى أن يُفتَنَ.