فكل هذه صور للكفر الأصغر الذي لا يخرج صاحبه من الإسلام، وليس معنى تسمية تلك الذنوب كفراً أصغر أن يتهاون الناس في ارتكابها، وإنما المراد مزيد تحذير وتنفير منها، فهي أعظم إثما من الكبائر، ويجب على فاعلها التوبة منها، والرجوع إلى الله سبحانه.
فإذاً لو قال شخصٌ: أنا اعتقد أنَّ الشَّريعة أفضل إلَّا في الجانب الاقتصادي فالقانون الوضعي أفضل، والشريعة في المواريث أحسن لكن في الجنايات فالقانون البشري أحسن فهذا كافر، حتى لو فصَّل وأطلق، وقال: أعتقد أن القانون الوضعي أفضل فهو كافر، ولو اعتقد أنَّهما متساويان، وقال: القانون حسنٌ والشريعة حسنةٌ فهو كافر، ولو قال الشَّريعة أحسن لكن يجوز التَّحاكم إلى القانون الوضعي فهذا كافر أيضاً؛ لأنَّه اعتقد جواز التَّحاكم إلى غير ما أنزل الله، قال الشنقيطي رحمه الله: "وأمَّا النِّظام التَّشريعي المخالف لتشريع خالق السَّموات والأرض فتحكيمه كفر بخالق السموات والأرض، كدعوى أن تفضيل الذَّكر على الأنثى في الميراث ليس بإنصاف، وأنَّه يلزم استوائهما في الميراث، وكدعوى أن تعدد الزَّواجات ظلم، وأنَّ الطَّلاق ظلم للمرأة، وأن الرجم والقطع ونحوهما أعمال وحشية، ونحو ذلك.
فقال: ذلك شيء يجده أحدكم في نفسه فلا يصدنكم رواه مسلم.