أكانت صورة عبلة هى التى تجذبه وتدعوه ؟ أم كان ضيق صدره يدفعه إلى الهروب من الوحدة لعله يجد فى زحمة العيد ما يشغله عن التفكير فى همومه وآلامه ؟ أم ذهب برجو أن يلقى شداد بن قراد فى ذلك الجمع الحاشد الكثير ؟ لقد كانت صورة شداد هى التى تملأ صدره الحانق الشديد الغيظ منذ خرج من بيت أمه، فكان يتمنى أن يراه؛ ليسأله عما كان يسأل أمه عنه، ويحمله على أن يعترف به ويجعله ولده صريحا.
وكان شداد في أثناء هذا القول مطرقا وقد وضع رأسه بين يديه صامتا، فقام عنترة ووضع يده على كتفه فى رفق وقال له: أما زعمت مرة أنك أبى ؟ لقد حدثثنى أمى فى ثنايا خلال قصتها أنك اعترفت بى يوما إذ طمع أحد بنى عبس في أن يحوزنى، فمنعتنى حميتنى وقلت إننى ابنك، ألم تقل ذلك يوما يا سيدى ؟ أما كدت تقاتل أبناء عمك عندما أرادوا أن يدعونى ينسبونى إليهم ؟ كذب هذا إذا شئت، بل كذب نفسك إذا استطعت أن تقول كذبا.
وأما البقر والضأن فلا تطلى بالشوب ولكن يزال القراد باليد أو بالملقاط.