وقد حاولوا إقناعه ليثق بهم، ويصدق قولهم، باعتبارهم سيقومون على حراسة يوسف، وحفظه من العوادي، والمؤذيات، ولكن أباهم لم يكن غافلا عنهم، ولا خافيا عليه أمرهم فهو نبي مرسل، له من النور ما يميز به الصدق من الكذب، لقد تفرس الكذب في وجوههم وعرف ما انطوت عليه سرائرهم، فأفصح عما يكنه قلبه، وما يعتمل في نفسه، وصارحهم بالحقيقة التي ما غابت عنه لحظة؛ لذا قال لهم: قال إني ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون 13 يوسف ، وهذا ما لم تذكره التوراة، فهذه مزية في القرآن الكريم، وليس عيبا فيه، وصدق الله: إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون 76 النمل ، ولم يذكر القرآن أن يعقوب اتهم بنيه بالغفلة، وإنما قال لهم: وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون 13 يوسف فهو يخشى أن يحدث ذلك.
.
بيد انّ المأساة هنا تكتسب جانباً عبادياً يختلف عن المفهوم الأرضي للمأساة.